الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.فتح نهر واكد من الهند. لما رجع شهاب الدين من خراسان غاضبا من فعل أخيه لم يعرج على غزنة ودخل بلاد الهند غازيا سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وبعث في مقدمته مملوكه قطب الدين أيبك ولقيه عساكر الهند دون نهر واكد فهزمهم أيبك واستباحهم وتقدم إلى نهر واكد فملكها عنوة وفارقها ملكها وجمع ورأى شهاب الدين أنه لا يقوم بحمايتها إلا مقامه فيها فصالح ملكها على مال يؤديه إليه عنها ورجع إلى غزنة..إعادة علاء الدين محمد صاحب خوارزم ما أخذه الغورية من خراسان. لما فصل الغورية عن خراسان وملكوا ما ملكوه منها وسار شهاب الدين إلى الهند غازيا بعث علاء الدين محمد صاحب خوارزم إلى غياث الدين يعاتبه على ما فعل في خراسان ويطلب إعادة بلده ويهدده باستدعاء عساكر الخطا فصانعه في الخطا حتى قدم شهاب الدين فطمع بالمصانعة وبعث إلى نائبهم بخراسان يأمره بالرحيل عن نيسابور ويتهدده فكتب إلى غياث الدين بذلك وبميل أهل نيسابور إلى عدوهم فوعده النصر وسار إليه علاء الدين صاحب خوارزم آخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة فلما انتهى إلى نسا وأبيورد هرب هندوخان ابن أخيه ولحق بغياث الدين في فيروزكوه وملك علاء الدين مدينة مرو وسار إلى نيسابور وحاصرها شهرين فلما أبطأ عن نائبها المدد من غياث الدين استأمن لصاحب خورازم وخرج إليه هو وأصحابه فأحسن إليهم وطلب علاء الدين أن يسعى في الصلح بينه وبين غياث الدين وأخيه فوعده بذلك وسار إلى هراة فأقام بها ولم يمض إلى غياث الدين سخطه لتأخر المدد عنه واختص صاحب خوارزم الحسن بن حرميل من أعيان الغورية واستحلفه أن يكون معه عند غياث الدين ثم سار إلى سرخس وبها الأمير زنكي فحاصره أربعين يوما وتعددت بينهما حروب ثم بعث ابنه زنكي بأن يتأخر عن البلد قليلا حتى يخرج هو وأصحابه فتأخر بأصحابه وخرج زنكي فشحن البلد بالأقوات والحطب وأخرج من ضاق به الحصار وتحصن فندم صاحب خوارزم على تأخره وجهز عسكرا لحصاره ورجع فلما بعد سار محمد بن خربك من الطالقان وأرسل إلى زنكي بأن يكبس العسكر الذي عليه ونذر بذلك أهل العسكر فأفرجوا عن سرخس وخرج زنكي ولقي محمد بن خربك في مرو وجبوا خراج تلك الناحية وبعث إليهم صاحب خورازم عسكرا من الثلاثة آلاف فارس فلقيهم محمد بن خربك في تسعمائة فهزمهم وغنم معسكرهم وعاد صاحب خوارزم إلى بلده وأرسل إلى غياث الدين في الصلح فأجابه مع أمير من أكابر الغورية اسمه الحسن بن محمد المرغني فقبض عليه صاحب خوارزم وحبسه ومرغن من قرى الغور..حصار هراة. لما بعث صاحب خوارزم إلى غياث الدين في الصلح وجاء عند الحسن المرغني تبين عنه المغالطة فحبسه وسار إلى هراة وحاصرها وكان بها أخوان من خدمة السلطان شاه تكش فكتبا إلى صاحب خوارزم ووعداه بالثورة له في البلد وكانا يليان مفاتح الأبواب وأمور الحصار في داخل فأطلع الأمير الحسن المرغني المحبوس عند صاحب خوارزم على أمرهما فبعث إلى أخيه بذلك عمر صاحب هراة فاعتقلهما وبعث غياث الدين العساكر مددا لهراة مع ابن أخته ألب غازي فنزل على خمسة فراسخ منها ومنع المسيرة عن عسكر صاحب خوارزم فبعث صاحب خوارزم عسكرا إلى الطالقان للغارة عليها فقاتلهم الحسن بن خربك فظفر بهم ولم يفلت منهم أحد ثم سار غياث الدين في عساكره ونزل قريبا من هراة فاعتزم صاحب خوارزم على الرحيل بعد حصار أربعين يوما لهزيمة أصحابه بالطالقان ومسير العساكر مع ألب غازي ثم مسير غياث الدين ثم توقعه عود شهاب الدين من الهند وكان قد وصل إلى غزنة منتصف ثمان وتسعين وخمسمائة فراسل أمير هراة وصالحه على مال حمله إليه وارتحل عن البلد وبلغ الخبر شهاب الدين وجاء إلى طوس وشتى بها عازما على حصار خوارزم فجاء الخبر بوفاة أخيه غياث الدين فأثنى عزمه وسار إلى هراة..وفاة غياث الدين وانفراد شهاب الدين بالملك. ثم توفي غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام صاحب غزنة وبعض خراسان وفيروزكوه ولهاووز ودهلى من الهند وكان أخوه شهاب الدين بطوس كما ذكرنا فسار إلى هراة وأظهر وفاة أخيه وجلس للعزاء وخلف غياث الدين ابنا اسمه محمود فلقب غياث الدين ولما سار شهاب الدين عن طوس استخلف مرو الأمير محمد بن خربك وبعث إليه صاحب خوارزم العساكر فبيتهم ولم ينج منهم إلا القليل وأنفذ بالأساري والرؤوس إلى هراة وأعاد إليه صاحب خوارزم الجيوش مع منصور التركي فلقيهم على عشرة فراسخ من مرو فهزموه وحاصروه خمسة عشر يوما حتى استأمن إليهم وخرج فقتلوه وترددت الرسل بين شهاب الدين وصاحب خوارزم في الصلح فلم يتفق بينهما أمر ولما اعتزم شهاب الدين على العود إلى غزنة ولي على هراة ابن أخته ألب غازي وقلد علاء الدين محمد الغوري مدينة فيروزكوه وبلد الغور وجعل إليه حرب خراسان وأمور المملكة وجاءه محمود ابن أخيه غياث الدين فولاه على بست واسفراين وتلك الناحية وبعده عن الملك جملة وكانت لغياث الدين زوجة مغنية شغف بها وتزوجها فقبض عليها شهاب الدين وضربها ضربا مبرحا وضرب ولدها غياث الدين وزوج أختها واستصفاهم وغربهم إلى بلاد الهند وكانت بنت مدرسة ودفنت فيها أباها فخربها ونبش قبورهم ورمى بعظامهم وكان غياث الدين ملكا عظيما مظفرا على قلة حروبه فإنه كان قليل المباشرة للحروب وكان ذا هيبة جوادا حسن العقيدة كثير الصدقة بنى بخراسان وغيرها المساجد والمدارس للشافعية وبنى الخوانك في الطرق وبنى على ذلك الأوقاف الكثيرة وأسقط المكوس وكان لا يتعرض إلى مال أحد ومن مات ووارثه غائب دفعه إلى أمناء التجار من أهل بلده ليوصلوه إلى ورثته فإن لم يجد تاجرا ختم عليه القاضي إلى أن يصل مستحقه وإن كان لا وارث له تصدق عنه بماله وكان يحسن إلى أهل البلد إذا ملكها ويفرض الأعطيات للفقهاء كل سنة من خزائنه ويفرق الأموال على الفقراء ويصل العلوية والشعراء وكان أديبا بليغا بارع الخط ينسخ المصاحف يفرقها في المدارس التي بناها وكان شافعي المذهب من غير تعصب لهم ويقول التعصب في المذاهب هلاك.
|